بأي قلوب نبكي.. وبأي عيون ندمع.. القلوب التي تمزقت نياطها علي ضحايا الاهمال واللامبالاة.؟!. ام العيون التي تحجرت من كثرة ما قهرتها المحن.. حتي جفت عن آخرها.. فلم تعد قادرة علي صب المزيد؟!.
نعيش المأساة علي واقع ملهاة .. سرعان ما تتكرر .. غباء قبطان .. اهمال مسئول.. نهم صاحب شركة.. وتبقي المحصلة في النهاية.. آلاف المصريين يذهبون ضحايا لعنة اللامبالاة .. في بلد تتبعثر اشلاؤه علي قارعة طرق الموت السريعة.. وفوق قضبان السكة الحديد.. وتحت ركام العمارات المنهارة كعلب البسكويت.. وداخل محرقة بني سويف الكريهة.. وعلي عمق ألف متر في قاع بحر الاهوال المسمي بالبحر الاحمر.. حيث استقر المئات من اهلنا وابناء وطننا في تلك الهوة السحيقة .. لتلتهم اسماك القرش ما تبقي من اجسادهم التي تحللت وتلاشت.. وليعيش المصريون جميعهم في المقابل علي وقع مأساة من نوع جديد .
نبكي .. نشق الصدور.. نصرخ من الالم .. نطرح ملايين الاسئلة الغاضبة .. وتأتينا الاجابات كالعادة 'اصبروا.. سنحقق .. سنعاقب المسئول.. لا احد فوق القانون' ثم تمضي الايام .. والشهور .. والسنون .. فنعود سيرتنا الاولي .. من 'سالم اكسبريس' إلي 'عمارة الموت' .. ف'فاجعة قطار الصعيد' وحتي 'السلام 98'.. وما بينها من كوارث هزت ضمائر المصريين .. وأوجعتهم حتي رسم الحزن ملامحه الكئيبة فوق كل شارع وحارة وبلد في اركان وجنبات وطننا الذي عشش فيه الاهمال .. بعد ان سقط أسيرا لنفوذ الكبار .. وتحول إلي مرتع لكل من يعيث في جسده المثخن بالجراح .. والمكبل بالآلام .
كصخرة هائلة من السماء سقطت فوق رؤوس المصريين .. حين هاجمهم الخبر الفاجع بغرق السفينة 'السلام 98' القادمة من ميناء 'ضبا' السعودي وعلي متنها 1401 من الركاب اغلبيتهم الساحقة من المصريين .. اذ سرعان ما تحولت فرحة انتظار القادمين بعد طول غياب إلي مأتم جماعي .. عاشه اهلنا الذين احتشدوا بالآلاف في العراء بميدان سفاجا الذي تحول إلي سرادق كبير لتلقي ما طفا فوق سطح البحر من الجثث الغارقة في الكارثة التي فاقت كارثة السفينة الشهيرة 'تيتانك' .. وما بين اهمال في البحث .. وتقاعس عن الاداء في تلك الاجواء الحزينة .. انفجر الغضب .. وعم الحزن .. ليس بين اهالي الضحايا وحدهم .. بل الي كل المصريين الذين راحوا يعزون بعضهم البعض في مصابهم الجلل.
كان الاهمال هو السيد في مشهد الحزن العظيم.. وانتظر الاهالي في العراء .. حائرين بين توابيت الموت التي راحت تتبعثر علي مسافات متباعدة .. مابين سفاجا والغردقة وقنا والمنيا وحتي مشرحة زينهم في القاهرة .. وملتاعين لعدم وجود من يقدم لهم .. ولو معلومة واحدة تطمئن قلوبهم .. ليتركهم هؤلاء الذين اعتادوا الاهمال .. فريسة الانتظار والقلق الطويل .. بعد ان اعيتهم المأساة .. وارهقتهم المحنة.
هكذا جاءت تصاريف القدر هذه المرة.. لتحمل للمصريين كارثة من نوع جديد مع بدايات الشهر الثاني للعام ..2006 ولكن تداعيات الكارثة تكشف صورا شتي، وخليطا غريبا من الواقع المزري الذي بتنا نعيشه بفعل اللامبالاة التي تحكم 'علية القوم' ازاء البسطاء من ابناء هذا الشعب الذين يدفعون وحدهم ثمن الفساد .. الذي تفشي، وتجاوز كل المحرمات .. بعد ان اصبح الموت يحاصر المصريين من كل الانحاء .. برا .. وبحرا.. وجوا.
ومنذ وقوع الكارثة .. ومع مطلع كل صباح .. وعلي وقع الانباء الحزينة القادمة من اعماق بحر الاهوال .. رحنا نفتش في الملفات، ونبحث عن الخفايا .. لنتقصي حقائق عبارات الموت التي تكاثرت حوادثها .. وتزايدت شهرتها بعد ان اصبحت اسرع الطرق ل'الموت الجماعي'.
هام جداً: قوانين المساهمة فيالمواضيع. انقر هنا للمعاينة
احترم مواضيع الآخرينليحترم الآخرون مواضيعك لا تحتكر الموضوع لنفسك بإرسال عدة مساهماتمتتالية عند طرح موضوع يجب أن تتأكد أن عنوان الموضوعمناسب او لا تحل بحسن الخلق و بأدبالحوار و النقاش لا تنس أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية, فلاتتهجم على عضو بدعوى أنه لا يشاطرك الرأي ان قطعت عهدآ مع عضو فأوفي بوعدك لأنه دينعليك إن حصل خلاف بينك و بين عضو حول مسألة ما فلاتناقشا المشكله على العام بل على الخاص اناحترمت هذه الشروط البسيطة, ضمنت حقوقك و عرفت واجباتك. و هذه افضل طريقةتضمن بها لنفسك ثم لمساهماتك و مواضيعك البقاء و لمنتداك الإزدهار فيموقعنا إدارة منتديات احلىحكاية