كثيراً ما سالت نفسي سؤالاً غريباً ، وقد يبدو في بساطته سؤالاً طفولياً ، كتلك النوعية من الأسئلة التي يطرحها الأطفال على آبائهم فيعجزونهم عن الإجابة .. كنت أسأل : لماذا يتسمى البشر بأسماء الوحوش ؟.. أو وبصيغةٍ أدق : لماذا يسمي الآباء أبناءهم بأسماء بعض الوحوش كالأسد ، الفهد ، النمر ، الصقر ... الخ ؟ ويعرضون عن بعض الاسماء كالضبع مثلاً رغم أنه واحد من الوحوش ..ووصلت لإجابة مقنعة لنفسي على الأقل .. أن بعض الصفات التي تمتلكها بعض الوحوش يتوق لامتلاكها بني البشر كالشجاعة والقوة والإقدام .. لكن الأهم في الإجابة على سؤالي الذي يبدو ساذجاً أن هناك نوعية من الوحوش تعتبر نبيلة في نظر البشر بسبب صفاتها وسلوكها فهي وحوش صيادة ، تصطاد فرائسها بنفسها بعد جهد ومطاردة ومخاطرة .. فيما هناك نوع أخرى من الوحوش يعتبرها الإنسان خسيسة في صفاتها تعتاش على الجيف وعلى وسرقة صيد الآخرين وجهدهم أو على بقايا صيد الآخرين ومنها الضباع التي ينفر الإنسان من سلوكها وصفاتها وطباعها الخسيسة .. ولعالم الحيوان هذا شبيه في بني البشر .. فمن البشر من يكد ويتعب ويصبر ويخاطر ويتحمل المصاعب لتحيق إنجازات في حياته على اختلاف أشكالها .. ومنهم من يبني نفسه ويعتاش على سرقة إنجازات الآخرين وكفاحهم ويعيشون كطفيليات عليها .. هذه المقدمة جئت بها للقول أنه وكما في عالم الحيوان وعالم البشر كذالك يحدث في عالم السياسة .. فبعض القوى السياسية في عالمنا العربي تجبن عن المشاركة في المخاطرة السياسية التي يتطلبها العمل السياسي وتجبن عن تقديم التضحيات التي تؤدي للإنجازات ، لكنها قادرة بل محترفة في إمتطاء النتائج الجيدة والإنجازات السياسية للآخرين في اللحظات المناسبة .. وسرقتها من أصحابها الحقيقييين .. والأمثلة كثيرة على ذلك .. والمثال الأكثر وضوحاً في عالمنا العربي تلك الجماعة المسماة "الإخوان المسلمين " وما فعلوه من سرقة لتضحيات وإنجازات الشعب المصري وشبابه الثائر .. أو نجاحات الشعب التونسي في ثورته .. وهناك شيء مشابه يحدث في ثورة الشعب السوري وهذه الجماعة المتحفزة في الخارج للقفز على صهوة نجاح الشعب السوري في تحرره القريب من سطوة نظامه الديكتاتور .. وهنا لا يعنيني التحدث بتفصيل عن هذه الجماعة ككل .. ما يعنيني هو تناول صفات وسلوكيات فرع هذه الجماعة "الإخوان المسلمين" في فلسطين وهي حركة "حماس" ..
كثيرون أولئك الذين يسألون سؤالأ محقاً ومشروعاً ووطنياً بنفس الوقت : لماذا تقوم حركة "حماس" بتسخيف ومعارضة خطوة القيادة الفلسطينية للتوجه إلى الأمم المتحدة وانتزاع إعتراف دولي بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ؟! ولماذا يتشاركون –بتواطؤ أو بدونه- مع "اسرائيل" وأمريكا في محاربة هذا التوجه والضغط على القيادة الفلسطينية لثنيها عن خطوتها العملاقة هذه ؟! كي نستطيع الإجابة على هذا السؤال ، علينا أن نلقي نظرة على سلوكيات هذه الحركة وخطابها السياسي في حالات مشابهة سابقة .. هذه الحركة "حماس" المنبثقة والمتفرعة من حركة " الإخوان المسلمين" لم تكن من الفصائل التي شكلت الثورة الفلسطينية الحديثة على مدى خمس وعشرين عاماً من انطلاقتها بقيادة حركة التحرير الفلسطيني "فتح" (جماعة "الإخوان المسلمين" حاضرة كتنظيم منذ أوائل القرن الماضي وعاصرت وراقبت ضياع فلسطين على مدى سنوات ضياعها ومراحله ) .. لكن "حماس "سرعان ما انخرطت في العمل المقاوم الفلسطيني عندما رأت أن هناك بوادر إنجازات سياسية تلوح في الافق للثورة الفلسطينية وائتلافها منظمة التحرير الفلسطينية .. لن اقف مطولاً هنا فالقول الماثور " أن تأتي متأخراً خير من أن لا تاتي أبداً " ربما يكون مناسباً ..
حركة "حماس" خونت أسد فلسطين وشهيدها الرئيس ياسر عرفات وحركة "فتح" عندما إبرام "اتفاق أوسلو" المرحلي وتشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية .. وقالت في هذا الإتفاق وفي هذه السلطة ما لم يقله مالك في الخمر .. وبعد أن توطدت أركان السلطة الوطنية على الأرض واكتمل انشاءها وبناؤها وأصبحت إنجازاً سياسياً لأسود فلسطين وثوارها تسللت "حماس" إلى بنيانها سالكة شارع "أوسلو" المذكور عبر انتخابات كانت قد كفرتها وحرمتها في نسختها الأولى .. ثم لم تكتفي ضباع فلسطين أن تشارك الأسود صيدها بل عمدت إلى سرقة هذا الصيد واختطافه عندما حلّقت قطعان هذه الضباع أسد فلسطين ونهشت جسده عبر انقلاب دموي وحشي غادر وخسيس للسيطرة على السلطة في غزة ..وقد كان .. واليوم ضباع فلسطين تعارض خطوة التوجه للأمم المتحدة متساوقة في ذلك مع الموقفين الإسرائيلي والامريكي .. بانتظار أن يلقى ليث فلسطين حتفه في صراع يأملونه ويتمنونه مع الإدارة الأمريكية لتظهر ضباع فلسطين كبديل عن أسودها أو أن ينجح الليث في قنص صيد ثمين ليشاركوه الغنيمة أو ينقضوا عليه قطعاناً ليسرقوا هذا الصيد الثمين نسبياً.. اذن "حماس" تنتظر من نقلة الأمم المتحدة المليئة بالمخاطرة في العلاقات مع القوة الأعظم أحد أمرين ؛ إما أن ينشأ صدام ونزاع بين القيادة الفلسطينية والولايات المتحدة الامريكية وهنا تقدم "حماس" نفسها كبديل أثبت نفسه في حماية حدود الكيان الصهيوني و يمكن له أن يتساوق مع الرغبات الاسرائيلية والامريكية ومخططاتهم كمشروع الدولة المؤقته القاتل .. أو أن تنجح القيادة الفلسطينية في انتزاع اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية المستقلة على الارض التي احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس وفي هذه الحالة هم يعدون العدة لانقلاب آخر بعد ان تترسخ هذه الدولة وتصبح واقعاً .. سيشاركون في هذه الدولة كمرحلة أولى ثم ينقضوا عليها في مرحلة ثانية .. وعليه يمكن القول أنه إذا نجح الرئيس أبو مازن في نهجه بانتزاع اعتراف بالدولة الفلسطينية فستقدم "حماس" على المصالحة بقوة أملا في أن تشارك في مكونات هذه الدولة تمهيداً للإنقضاض عليها وسرقة هذا الإنجاز كما ينقضُّ قطيع من الضباع على صيدٍ لأسد .
أنا الفتح ليث فلسطين وصيّادها .. تنهشني الوحوش خسيسُها وأوغادها .. طالما ظَفِرْتُ بطرائدي تَرْتَعِدُ .. والضباع ترقبني جبناً في اصطيادها .. فإذا ما طرحتها ارضاً صريعةً .. أحاطت ضباع الأرض غدراً بأسيادها .. تثخنني جراحاً تنزف ثورةً .. فتَميدُ الأرضُ برُوّادها .. هذا زمن الرويبضة أُخبِرنا به .. تخوض الليوث حلكةَ سوادها .. وتتصدر الضباع أفراحها وأعيادها .
ضع تعليق بحسابك فى الفيس بوك
الموضوعالأصلي : ضيـاع فلسطين وأُسُودها // المصدر : منتديات ثقف نفسك // الكاتب: بنوتة فلسطين
هام جداً: قوانين المساهمة فيالمواضيع. انقر هنا للمعاينة
احترم مواضيع الآخرينليحترم الآخرون مواضيعك لا تحتكر الموضوع لنفسك بإرسال عدة مساهماتمتتالية عند طرح موضوع يجب أن تتأكد أن عنوان الموضوعمناسب او لا تحل بحسن الخلق و بأدبالحوار و النقاش لا تنس أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية, فلاتتهجم على عضو بدعوى أنه لا يشاطرك الرأي ان قطعت عهدآ مع عضو فأوفي بوعدك لأنه دينعليك إن حصل خلاف بينك و بين عضو حول مسألة ما فلاتناقشا المشكله على العام بل على الخاص اناحترمت هذه الشروط البسيطة, ضمنت حقوقك و عرفت واجباتك. و هذه افضل طريقةتضمن بها لنفسك ثم لمساهماتك و مواضيعك البقاء و لمنتداك الإزدهار فيموقعنا إدارة منتديات احلىحكاية